يطلق القلب حقيقة على ما يحصل فيه التعقل والخواطر والميل والعاطفة والرغبة والهوى والحب والإرادة،وغالباً ما يطلق في علم التزكية على هذا المعنى.
لكننا نلاحظ أن كثيراً من علماء التزكية ينسبون هذه العواطف والرغبات والميول إلى القلب إذا كانت متجهة نحو الخير والحق، وينسبونها إلى النفس إذا كانت متجهة نحو الشر والباطل، والنفس هنا ما هي إلا القلب، ولكنه اصطلاح جرى التعامل به عند كثير من علماء التزكية، وليس ذلك بعيداً عن مصطلح الشرع فقد استعملت لفظة النفس للقلب فيه أحياناً، كقوله تعالى: ﴿ وَإِن تُبْدُواْ مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ اللهُ ﴾ (البفرة: 284).
حال العباد دائما في تقلب وتغير، فقلما تجد إنسانا وقد ثبت على أفعاله وسلوكياته، لذا فإننا نلحظ انتشارَا لداءٍ خطير بينهم، أحيانا يحمل العبد على التكاسل عن أداء الطاعات وأعمال الخير، وأحيانا أخرى يعلَّق العبد آماله بالدنيا، وينسى آخرته.
إنه بلا أدنى شك داء تسبَّب في جعل الحياة موحشةً مظلمة، مملة وروتينية، رغم الملهيات والملذَّات ورغد العيش الـمُتنعَّم به، فما ذاك الداء العضال يا ترى؟!.. إنه قسوة القلب، وما أدراك ما قسوة القلب؟!.
يقول الملك في كتابه العزيز: "ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً" [البقرة: 74]؛ قال القرطبي رحمه الله: "القسوةُ: الصلابة والشدة واليبس، وهي عبارة عن خلوِّها من الإنابة والإذعان لآيات الله تعالى"[1].
وقال عز وجل: ﴿ فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ ﴾ [الزمر: 22]؛ قال الشيخ السعدي رحمه الله: "أي: لا تلين لكتابه، ولا تتذكر بآياته، ولا تطمئن بذكره، بل هي مُعرِضة عن ربها، مُلتفتة إلى غيره، فهؤلاء لهم الويل الشديد، والشرُّ الكبير"[2].
مسببات قسوة القلب:
ويضيف ابن القيم رحمه الله أسبابًا خمسة لقسوة القلب، أجمَلَها بقوله: "مفسدات القلب خمسة: كثرة الخلطة، وركوب بحر التمني، والتعلق بغير الله، وكثرة الطعام، وكثرة النوم".
كيف أتخلص منها:
عزيزي القارئ !! كما ان هناك امورا تقودك إلى قسوة القلب والجفاء في العبادة والقرب والتودد إلى الله، فإن أمورا أخرى تخلصك من هذا الكرب العظيم، وتنقي قلبك من هذا المرض الخطير، من بينها: