كيف أعلم أني أحبُ في الله؟


مفهوم المحبة في الله:

الحب في الله هو مجموعة من العواطف النقية الطاهرة التي تعد من أجمل ما يتقرب به الإنسان إلى ربه سبحانه وتعالى، هو حالة فريدة من السمو الرباني الذي يبثه الله في قلوب العباد والمحبين، إنه الحب الخالي من أنواع المصالح، الحب الذي يجانب المظاهر الخداعة فلا يختلط يوما بزيفها.

 

هو حالة يعيشها الإنسان بكل أعصابه تجاه الآخرين دون طمع في مال أو قضاء حاجة، هو تعلق قلبي بأناس حولك كحبك لصديق أو معلم ، كحبك لأبيك وأسرتك، لأقاربك وأجدادك، كحبك لزوجته بغية التقرب بها إلى الله، إنك إن تكن تحب فأنت لازلت حيا، وإن تك قد نزع الحب من قلبك فأنت وإن كنت تتنفس ميتا لا محالة.

 

فقد قال الله عز وجل: "المتحابون في جلالي لهم منابر من نور يغبطهم النبيون والشهداء" رواه الترمذي، وقيل حسن صحيح".

وفي الموطأ وصحيح ابن حبان أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: قال الله عز وجل: "وجبت محبتي للمتحابين فيّ، والمتجالسين فيّ، والمتزاورين فيّ".

 

  • بواعث المحبة في القلوب:

إن المحبة في الله -عز وجل- لها أسباب ودوافع وبواعث إذا ما اجتمعت في قلب كل مسلم جعلته في حالة نفسية جميلة، تجعله يحب التعامل مع الآخرين ويألف الجلوس معهم، ويدرك جيدا أنها من صميم الدين، ولهذا فإن لكل من المحب والمحبين نصيب وحظ كبير من هذه المحبة القائمة على التبادل والتعاطف والتراحم، ما يكون في نهاية الأمر مرجعا لصب الحسنات واكتساب القربة من الله تعالى شريطة أن يكون هذا الحب نابع من صميم قلبك.

قال الله تعالى: "وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ" [البقرة: 201]، كما هو الحال أيضا في حب الدين والتدين والالتزام الخلقي بميثاق الله عز وجل، وشرف هذا العهد والمياق في التمسك به، قال صلى الله عليه وسلم: "اللهم أصلِحْ لي ديني الذي هو عصمةُ أمري الحديث".

ومن أحاديث المحبة والتعلق الوجداني ما قاله الرسول الله صلى الله عليه وسلم : "سبعةٌ يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: إمامٌ عادل، وشاب نشأ في عبادة الله، ورجل قلبه معلقٌ بالمساجد، ورجلان تحابا في الله، اجتمعا عليه وتفرقا عليه"، أي أن ما قرر لهما هذا التجمع إلا محبة الله، وابتغاء مرضات الله والتقرب إليه.

 

  • أنواع المحبة في الله:

نتفق أن أجمل أنواع المحبة هي التي لا تكون لأجل شي، لا مال، ولا لقضاء حاجة ولا لابتغاء مصلحة، ولهذا فإنها تتنوع بتنوع نية المحب، فقد تكون من أجل أمر دنيوي كحب شخص لوسامته، ومظهره، أو لمنصبه ووظيفته، فينتهي هذا الحب بانتهاء المصلحة والحاجة،  فرسولنا الكريم يقول :" الأرواح جنودٌ مجنَّدة ".

هذا بالنسبة للحب الدنيوي، إلا أن المحبة الأخروية تكون بعيدة تماما عن هذه المصالح، إنما سبيلها هو الله عز وجل، وغايتها رضاه، كمن يحب لأجل جمال الروح في الزوجه فحبه لها يظل مضيئا يبرز في كل صباح يشرق وهو بجانبها فإذا ما أصاب جمالها شيئا فإنه يزداد حبا لها، فحب الروح للمرء من صفات الله، لأنه هو فقط المطلع على الجوهر والقلب.

 

  • نتائج الحب في الله على المسلم:

للحبِ في الله نتائج تعود على كل مسلم، هذه النتائج تعد تكريما من الله لعبده جزاءا على هذه المحبة، إنها السكينة التي ينزلها الله على قلبه ويريح بها صدره، لذا تجده يمنحه السعادة وسعة الرزق، وانشراح القلب وعلو الهمة، وفي الآخرة يرجع إلى الفوز بجنته في كافة مناحي الحياة.

كذلك قوة العقيدة، وصلاح النفس، والستر من المعاصي وطهارة القلب، والتآخي والمؤازرة في الله، وفي هذا يشبِّه ـ صلى الله عليه وسلّم ـ المجتمع المؤمن المتحابَّ والمتعاون بالجسد الواحد، في قوله صلى الله عليه وسلم : "مثلُ المؤمنين في تَوادِّهم، وتَرَاحُمِهِم، وتعاطُفِهِمْ، مثلُ الجسَدِ إذا اشتكَى منْهُ عضوٌ تدَاعَى لَهُ سائِرُ الجسَدِ بالسَّهَرِ والْحُمَّى".

إن المجتمعات المسلمة لتصل إلى أمانها وسعادتها بتآلفها على قلب نبيها، ورباطها على منهج ربها، فالحب هو الذي يكيف كل العقليات المتنافرة على الائتلاف والرجوع، إن العودة إلى ما كان من حب بين صحابة الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم، لعلمنا أننا نفتقد في محيانا ودنيانا إلى كثير مما كانو عليه من مودة جعلت أعداءهم يشهدون بذلك-حيث الفضل ماشهدت به الأعداء- حيث شهد بذلك الحب زعيم مكة حينذاك أبو سفيان بن حرب، والفضل ما شهدت به الأعداء - وقال كلمته المشهورة: "والله ما رأيت أحداً يحب أحداً كحب أصحاب محمد لمحمد".